كتب لفته عبد النبي الخزرجي / العراق – بابل
في مقال سابق تحدثنا عن الحلة .. ولان الحلة مدينة في بابل .. فأن حضارة الحلة هي حضارة شعب بابل ..
الشعب الذي انشأ تلك الحضارة القديمة .. اطلق عليه العرب اسم “النبط” وهذه التسمية جاءت لان هذا الشعب له معرفة با نباط الماء اي استخراجه لانهم فلاحون يزرعون الارض ويعيشون من اتعابها . كما ان العرب اطلقوا على ارض بابل “ارض السواد ” لانها غابة من النخيل والاشجار والنباتات .
الشعب النبطي ، هو وريث الحضارات السومرية والاكدية والبابلية ، وان لغة النبط هي اللغة السريانية ، ولذلك اطلق على المدينة البابلية القديمة ” سورستان ” .
وقد تعلم العرب الفاتحون لارض بابل ، تعلموا من النبط ، علم الفلاحة .. وهو العلم الذي يهتم بالزراعة وتوفير الغذاء ورعاية الارض والسدود والمياه .
ان الشعب النبطي كان له الدور الاساس في ترجمة الكتب من اللغة النبطية الى اللغة العربية ، كما انهم تولوا مناصب كبيرة في العهد العباسي ، وترجموا الكتب اليونانية الى اللغة العربية .
ومن المهم ان نذكر ان الامام ابو حنبفة النعمان اصله من النبط ، كما ان الامام علي أمير المؤمنين يقول ” من كان سائلا عن نسبنا فإننا نبط من كوثي ” ، يذكر ذلك ياقوت الحموي عن عبيدة السلمي ، قال “سمعت عليا يقول : من كان سائلا عن نسبنا فإننا من نبط كوثي ” ، وفي نفس الاتجاه فقد جاء عن ابن عباس انه قال ” نحن معاشر قريش حي من النبط من اهل كوثي ، والاصل آدم ، والكرم التقوى ، والحسب الخلق ، والى هذا انتهت نسبة الناس ” . ان هذا يؤكد بما لا يقبل الشط ان الاسلام الحقيقي دين يحترم الشعوب وحضاراتها واراداتها وتاريخها و خصوصيتها .
ويذكر بعض المورخين العرب ان هذا الشعب النبطي تعرض للاضطهاد والحرمان والتشريد على يد البعض من قادة الفتوحات الاسلامية .. في حين استخدمهم العباسيون في شؤون الادارة والفلاحة والزراعة والترجمة وذلك لانهم شعب يمتلك ارثا حضاريا زاخرا بالابداع والجمال والفن والتاريخ والعمل والعطاء الانساني .
